المادة    
قَالَ الطّّحاويُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته، وكما كَانَ بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبدياً].
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[أي: أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لم يزل متصفاً بصفات الكمال: صفات الذات، وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها، لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كَانَ متصفاً بضده.
ولا يرد عَلَى هذا، صفات الفعل، والصفات الاختيارية، ونحوها، كالخلق والتصوير، والإحياء، والإماتة، والقبض، والبسط، والطي، والاستواء، والإتيان، والمجيء، والنزول، والغضب، والرضا ونحو ذلك مما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله، وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، ولكن أصل معناه معلوم لنا، كما قال الإمام مالك -رضي الله عنه- لما سئل عن قوله تعالى: ((ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ))[الأعراف:54].
كيف استوى؟ فقال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول".
وإن كانت هذه الأحوال تحدث في وقت دون وقت، كما في حديث الشَّفَاعَةِ: {إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله}.
لأن هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع، ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن. ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلماً بالأمس، لا يقَالَ: إنه حدث له الكلام، ولو كَانَ غير متكلم، لآفة كالصغر والخرس، ثُمَّ تكلم يقَالَ: حدث له الكلام، فالساكت لغير آفة يسمى متكلماً بالقوة، بمعنى أنه يتكلم إذا شاء، وفي حال تكلمه يسمى متكلماً بالفعل، وكذلك الكاتب في حالة الكتابة هو كاتب بالفعل، ولا يخرج عن كونه كاتباً في حال عدم مباشرته الكتابة] إهـ.

الشرح:
إن الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- متصف بصفات الكمال قبل أن يخلق الخلق، وكذلك لا تزال هذه الصفات له بعد خلق الخلق، وهي أزلية وأبدية؛ لأن له الكمال المطلق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا الكمال لا يجوز أن يقَالَ: إنه حدث له بعد أن لم يكن لديه؛ لأن عدم الكمال نقص، فلا يقَالَ: إنه موصوفٌ بالنقص، ثُمَّ حدث له الكمال، فالله لم يزل متصفاً بصفات الكمال -سواء صفات الذات أو صفات الفعل- ولا يجوز أن يُعتقد أن الله وُصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها.
ولا ترد عَلَى هذه القاعدة صفات الفعل والاختيار.

2-أنواع الصفات:
والصفات عَلَى نوعين:
1ـ صفات ذاتية.
2ـ صفات فعلية.
  1. فالصفات الذاتية

  2. وأما الصفات الفعلية